-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
شاهدنا عبر الفضائيات العربية والعالمية، وقرأنا في الصحف على مختلف لغاتها، تلك الظاهرة التي تسود كثيرا من دول العالم، والمتمثلة في احتفالات الرجال والنساء، الشباب والمسنين بما يسمى بيوم الحب، أو عيد الحب أو (الفالنتاين داي) في ذكرى أحد القديسين في عصر الامبراطورية الرومانية الذي خالف أوامر الحاكم، وكان يقوم بإتمام الزواج بين بعض فئات المجتمع، فلما اكتشف أمره تم قتله ومن ثم خلد أنصاره ذكراه من خلال هذا الاحتفال، الذي تطور ليصبح مناسبة يتبادل فيها الاحبة والاصدقاء الهدايا المعبرة عن الحب، وما أن ينقضي اليوم وتمر الذكرى حتى يعود هؤلاء الاحبة والاصدقاء بل والازواج والعائلات إلى ما كانوا عليه من شحناء وبغضاء ونزاعات وخلافات.
أين ذهب هذا الحب الذي جعلوا له عيدا، وأنفقوا خلاله الملايين على شراء الدمى والورود الحمراء والهدايا تعبيرا عنه؟

وهل لإنسان عاقل، تخصيص يوم واحد في العام للحب والرومانسية بينما تبقى أيام العام كلها مليئة بالعلاقات المتوترة، والنزاعات والخلافات ؟ أنا لا أتناول هذه الظاهرة من ناحية دينية وشرعية، فنحن لا نعترف إلا بعيدين اثنين فقط، وانتقال مثل هذه الظاهرة الغربية إلى بعض بلاد المسلمين، هو في حد ذاته من قبيل البدعة التي يروج لها التجار من أجل ترويج بعض السلع الراكدة، وتحقيق الارباح الباهظة، مستغلين المشاعر والعواطف، وهذا هو ديدن ونهج وسلوك كل المستغلين.
أشير فقط هنا إلى مدى عقلانية، هذا الاحتفال الغريب، وكيف يعكس حالة (الخواء) العاطفي لمن يعتقدون فيه ويمارسونه ويظنون أنه يوم واحد للحب، فمن الطبيعي أن تكون حياة المرء كلها حبا، وأن تعكس علاقاته وسلوكياته حبه لله تعالى خالقه، ولإخوانه وأهله ومجتمعه ووطنه، بل وللانسانية جمعاء.
الحب ضرورة كونية، فالله تعالى وهو غني عن كل مخلوقاته يحب .نعم فهو جل شأنه يحب من عباده التوابين والمتطهرين، ويحب من الاعمال ما يصلح به شأن الكون ومن فيه، ويكره الفساد والإفساد والكفر والفسوق.
ولقد غرس النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وأتباعه غريزة الحب في أسمى معانيها وصورها، الحب دون أن يكون وراء هذا الحب هدف أو غرض. وعلى هذا النحو، ينبغي أن تمتلئ حياة الانسان بالحب الصادق الخالص، حب الله، حب النبي، حب الناس جميعا، حب الكائنات، حب الاوطان، ولعل الفارق الرئيسي بين الحب عندنا ــ نحن المسلمون ــ والحب عند الاخرين، هو الحب الذي نعرفه «ممتد المفعول» لا يحدده وقت بعينه، ولا زمان بعينه، وإنما هو حب ملازم ومصاحب لحياة المرء منذ ولادته وحتى مماته.
حادثة عادية في نظري، وقعت منذ مئات السنين، استطاع الغرب أن يروج لها، ويجعل منها عيدا، ويرسم لها طقوسا، ونحن قد فشلنا في أن ننشر في العالم مفهومنا الاسلامي عن الحب، كما علمنا إياه رسولنا الكريم وكما أمرنا به المولى عز وجل..
إن احتفال الغرب بيوم واحد للحب في العام الاكبر دليل على أنهم لايمارسون هذا الحب خلال باقي أيام السنة ، ودليلنا هو تلك الجرائم التي يمارسونها ضد الانسانية بعامة، والمسلمين على وجه الخصوص، وليتهم حتى توقفوا خلال هذا اليوم عن بث الفتن، وإثارة النزعات، وقتل الأبرياء، وليتذكر أولو الألباب.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة